دعا رجل الأعمال الأردني طلال أبو غزالة، بصفته رئيس مجلس أمناء اتحاد التحضر المستدام (CSU) في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، قادة العالم للعمل معًا على اتخاذ إجراءات عاجلة للحماية من أكبر كارثة ستواجهها البشرية في العقود القادمة، وهي تغير المناخ.
وكشف أبو غزالة، في رسالة مفتوحة وجهها للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن تغير المناخ يحدث بوتيرة أسرع مما يعتقد معظم الناس، موردا أن الدول لا تقوم بما يكفي "بينما تستمر درجة حرارة كوكب الأرض في الارتفاع. وتتعالى وتيرة هذه التغيرات بشكل كبير بحيث يمكن أن تطغى قريبًا على قدرتنا على التكيف معها، الأمر الذي سيكون مدمرًا لوجودنا على هذا الكوكب".
ولفت أبو غزالة الانتباه إلى أن التقرير الذي أعددته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) مؤخرا، والذي يلقى نظرة مفصلة على التهديدات، "خلص إلى أن الدول لا تقوم بما يكفي لحماية البيئة من مخاطر تغير المناخ، فمن الواضح أن ذوبان القمم الجليدية القطبية، وارتفاع منسوب مياه البحر، والظروف الجوية غير الطبيعية هي ظواهر منتشرة في جميع أنحاء العالم، وقد لا نستطيع إيقافها إذا لم يتم اتخاذ إجراءات أكبر".
وأيّدت رسالة أبو غزالة ما جاء في بيان الأمين العام للأمم المتحدة الذي صرح فيه أن التقرير يمثل "دليلًا دامغًا على فشل القيادة العالمية في مجال المناخ"، كما أكد أبو غزالة أنه من الواضح أن الكثيرين يتشدقون فقط بقضية تغير المناخ، ولا سيما شركات النفط والغاز المبتكرة جدًا في تحقيق التوازن في أرقام الكربون، "ولكنها تُحدث القليل جدًا من التغيير على أرض الواقع. هذه قضية رئيسية حيث أن هناك حاجة متزايدة للطاقة في جميع أنحاء العالم. وإنتاج المزيد من الطاقة مع إنتاج كمية أقل من الكربون يمثل بالفعل تحديًا كبيرًا".
كما استرجع أبو غزالة ما حدث في عام 1999، حين كان يعمل رئيسًا لمجموعة عمل الأمم المتحدة المعنية بالمعايير الدولية للمحاسبة والإبلاغ (UNISAR)، وفي نفس الوقت كان رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمحاسبة (IFAC)، حيث طلب منه أمين عام الأمم المتحدة رئاسة فريق الأمم المتحدة العامل المعني بتغير المناخ، بغرض وضع معايير لمساءلة المؤسسات العامة والخاصة عن الأضرار البيئية التي تسببها تلك الجهات للمناخ.
وواصل أبو غزالة مستذكرا ما حدث "شكلت فريقًا من الخبراء يمثلون جميع هيئات المحاسبة الرئيسية في العالم وقمنا بصياغة مجموعة من المعايير المحاسبية للأضرار البيئية وقدمتها رسميًا في اجتماع جماعي إلى الأمين العام للأمم المتحدة لاعتمادها من قبل الأمم المتحدة. لكن لسوء الحظ، عارض سفراء الولايات المتحدة ودول أخرى تطبيق مثل هذه المعايير بسبب تأثيرها السلبي على صناعاتهم".
وأوضح رجل الأعمال العربي أن موجات الحر والحرائق البرية وندرة المياه والعواصف والفيضانات تحدث على نطاق غير مسبوق في جميع أنحاء العالم، عادّا ذلك دليلا على أن تغير المناخ ليس مزحة، "حيث تظهر آثاره الضارة في جميع أنحاء العالم والنتائج بالتأكيد أكثر سلبية مما كان متوقعًا".
واعتبر أبو غزالة أن جزءا من المشكلة هو بطء الدول في التكيف لعدم توافر الأموال الكافية لمساعدتها على تأسيس البنى التحتية اللازمة لمكافحة هذه الآثار، مضيفا "إذا استمر هذا الوضع، فسيُجبر المزيد من الأشخاص على الفرار من منازلهم. ومن الواضح أننا لا نستطيع أن ندع تغير المناخ يأخذ مجراه ونأمل فقط في التكيف معه، حيث تظهر المؤشرات المبكرة بالفعل أننا نفشل فشلاً ذريعًا إزاء ذلك".
قبل عقد من الزمان، يضيف أبو غزالة، "كانت هناك تعهدات من الدول الغربية بتقديم 100 مليار دولار لتطوير مصادر أحدث وأنظف للطاقة والتكيف مع تغير المناخ. للأسف، لم يُقدَّم سوى جزء بسيط من هذه الأموال وهي ضرورية لدعم الدول الأقل ثراءً والتي هي في أمس الحاجة إلى المساعدة. هذه قضية تواجهنا جميعًا ويجب أن نعمل معًا لمكافحتها وإلا فإن جهودنا ستذهب سدى".
بالإضافة إلى خفض انبعاثات الكربون، دعت الرسالة المفتوحة إلى العمل على اتخاذ إجراءات لحماية مجتمعاتنا واستخدام الاستراتيجيات المفصلة في تقرير الأمم المتحدة للتحضير بشكل أفضل لهذه التداعيات، موردة أنه، إذا تُرك هذا الأمر بدون رقابة، "فإن من لا يملكون الموارد والذين هم الأقل مسؤولية عما يحدث سيتعرضون للمقدار الأكبر من التداعيات عندما تصبح الأراضي الزراعية غير صالحة للاستعمال، وغير صالحة للسكن، وعندما تؤدي العواصف المطيرة الغزيرة إلى تدمير المحاصيل وتخلّف بالتالي ظروفا جوية قاسية، تفوق قدرة الإنسان على الاحتمال".
وشدد أبو غزالة على أنه "لا يمكننا السماح باستمرار التخلي عن المسؤولية في هذه القضية ويجب مساءلة عمالقة الطاقة".